حضن أبلة عليّة
كان صيوان العزاء كبيرا .. مهيبا ... رهيبا ...عدد
المعزيين لا يتناسب مطلقا .. مع كون المرحومة قد تعدت السادسة والتسعون ... وان
بنت ابنتها الكبرى جدة لثلاثة احفاد ... لايتماشى مع امرأة ليست ذو منصب او جاه او
نفوذ او سلطة او مال ... انها سيدة مصرية وفقط .
كان أول المعزيين الأستاذ جلال جالسا بالقرب من
المقرىء يستمع لآيات القرأن الكريم ويجتر الذكريات السعيد منها والاليم .
انا ياما اتعورت ووقعت واتكعبلت وانكسرت .. طاب
انا فاكر لما رجلى انكسرت وانا بأنط من على سور المدرسة علشان اروح السيما ...
ساعتها كان الوجع فظيع ... ورغم كده ما عيطتش ولا صرخت ... يادوب هيه كام آه
مكتومة .. زمايلى كانوا مستعجبين قوى .. ازاى انا مستحمل كده ؟ ... كنت بأحس انى
اقوى منهم واجدع منهم ... مره واحده بس اللى عيطت فيها ... كان يوم موسم ... امى
قالت لى : ناولنى حلة الكسكى من رف النملية الفوقانى ... وانا باجيب الحلة .. وقعت
بسيفها على راسى فتحتها .. التعويرة ماكانتش بتوجع قوى .. حق الله ماكتنتش بتوجع
خالص .. المشكلة كان فى الدم اللى كان زى النافورة .. امى صوتت وخدتنى من ايدى
وجرت تخبط على ابلة علية جارتنا : الحقينى ياعلية ياختى ... الواد حيروح منى ...
دمه بيتصفى ..
ابله علية اول ماشافتنى خدتنى فى حضنها .. كتمت
الدم بصدرها ماخفتش على هدومتها من الدم وقالت : ياضنايا يابنى ... وجرت تجيب بن
.. انا ماكنتش عارف يعنى ايه ضنايا ..بس حبيت الكلمة قوى ...حسيت بيها قوى ..
وعيطت قوى ... مش من الوجع ... لكن من الكلمة .. ابلة علية كبست الجرح بن وخدتنى
فى حضنها وطبطبت علية وهية بتقول : ماتخافش ياحبيبى ... ماتخافش يا ضنايا ... كنت كل ما أحس انها حتبعدنى عن حضنها ... كنت
ازود فى العياط ... تقوم تحضنى تانى وتطبطب تانى ..... وتقول يا ضنايا تانى ..
كانت تملك قدرا من الحنان لو تم توزيعة على رجال
الدنيا لذادهم صلابة وسند ظهورهم وشد عودهم ..
افاق الاستاذ جلال على صوت المقرىء وهو يقول : صدق
الله العظيم ... الفااااااتحة .... قرأ الاستاذ جلال الفاتحة وخرج وهو ينعى أبلة عليّة
.. وحضن ابله عليّة وكلمة يا ضنايا اللى عايش بيهم بقالة 54 سنه .
الفاتحة لكل ابلة عليّة