الجمعة، 21 يونيو 2019

ولا حتى ريحته


ولا حتى ريحته
نهار خارجى :
صف من الكراسى يجلس عليه بعض الرجال ...  يقف الباقى على الرصيف ... سيارة من اسطول الشيخ وائل (لن يفهمها غير الدماهرة ) تقف امام الباب فى انتظار نزول الامانة ... صوت عبد الباسط عبد الصمد ينبعث من كاسيت السياره
يشعل احدهم سيجارة وينظر متململا فى ساعته ويقول : الساعة احداشر ونص.. كده مش حنلحق الضهر..
الاخر : ماتقلقش .. لسه نص  ساعة بحالها .. وبعين الجامع فى الشارع اللى ورا
الاول : دا لسه الدفنه .. كده مش حافتح المحل قبل الساعة 2
يرتفع صوت الصراخ والعويل والبكاء ايذانا بنزول الامانه .. اصوات متداخلة .. مع السلامة يا اخويا .. مع السلامة ياحبيبى
حالة من الهرج .. الكل يقف .. يزيحوا الكراسى من المدخل .. توضع الامانة فى االسيارة .. يغلق الباب .. تتحرك السياره .
يقف الصراخ والعويل فجأه كما بدأ فجأه
نهار داخلى :
شقة المرحوم .. تجلس الزوجة فى المنتصف .. تمضى دقائق من الصمت التام .. تقف الزوجة بهمة وعزم قائله : ياللى .. عايزين نروق الشقة .. تصمت قليلا ثم تقول : علشان الناس اللى حاتيجى تعزى بالليل .
انزلى يابت هاتى ازازتين كلور وازازتين فنيك ...دخلت المطبخ .. شدت كيس اسود ودخلت على الحمام ..وبدأت فى ازالة متعلقات المرحوم وتضعها فى الكيس الاسود بضيق .. ادى المكنه ام موس اللى بتسبهالى بصابونها وشعرها واتقرفى واغسلى ياسونه .. مالها الجيليت انا ماعرفش .. وادى فرشة السنان اللى ماغيرهاش بقاله سنتين .. وادى المعجون .. وادى الليفه المهربده ... وادى الزفت مرهم البواسير اللى زهقتنا بيها ... ربطت الكيس ورمته فى الزباله وسحبت كيس تانى ودخلت الى اوضة النوم ... هه وادى المشط .. كان بيسرح ايه ده  انا مش عارفه دا من يوم ماخدته وهو اقرع .. وادى ازازة الخمس خمسات اللى جابت لى الحساسية . والنبى فى حد لسه بيحط خمس خمسات ؟! دانتا قهرتنى ياشيخ .. وادى الهباب الفازلين اللى لزق لى اكياس المخدات ... خدت الكيس وراحت على المطبخ .. وادى المعلقة السنبله اللى هارتنى بيها .. دى من ريحة امى .. دى من ريحة امى.. يعنى من ريحة الملكه نازلى ... والمج ابو ايد مكسورة ... ماكتش باعرف امسكة وهو سخن انما تقول ايه ؟ تحكم والسلام .. ما اشربش الا فيه ... ربطت الكيس ورمته فى الزباله .. شدت كيس تانى .. وبعدين رمته وقالت مش حيكفى ...
رجعت اوضة النوم وشدت الملايه اللى على السرير . وفتحت الدولاب ولمت البدل والقمصان والبنطلونات وفتحت الدرج بتاع الهدوم الداخليه .. وادى الفانلات  واللبسه المهلهلين وادى الشربات اللى كنت قارفنى بيها ارفى ياسونه .. خيطى ياسونه .. اكوى ياسونه ... طبقى ياسونه .. لما سونه طفحت ... ربطت الملايه .. قالت لها الجاره بدهشة : مش بدرى على كده ياحاجة .؟
ردت : وصيته يا اختى .. وانتى عارفه وصيت الميت لزما تنفذ .. قالى ياسونه .. لما اموت .. وقبل ما اندفن .. لمى هدومى واتبرعى بيها .. علشان اخد ثواب  ..
سونه : انزلى يابت ارمى الاكياس دى فى الزباله واتصلى برساله تيجى تاخد الهدوم دى ... ونظرت الى الجاره وقالت : الثواب ... علشان الثواب يسبقة على الجنه ونعيمها باذن الله ..
الجاره : طاب استأذنك علشان انزل اعملكوا لقمه .
سونه : والله مايحصل .. والنبى مانتى عامله حاجة .. انا عندى الاكل فى التلاجة من امبارح .. روحى انت شوفى عيالك كتر خيرك على كده ..
الجارة : طيب اجيلك بالليل انشاء الله
رفعت السماعة : الو .. بلبع .. اناعايزة كيلو كباب وكفته وكيلو ريش .. وبرام رز .. اه وابعت نص طرب ... متنساش الطحينه ..
ليل داخلى :
تصطف المعزيات .. تجلس بينهم سونه وهى تبكى وتنتحب .. ماكانش مخلينى عايزة حاجة ابدا ... كان مهنينى .. اكل وشرب ولبس وفسح .. اتخطف منى .. اهىء اهىء اهىء .. صبرنى على فراقة يارب
بعد اسبوع :
وله يامحمد .. عايزاك تروح تسألى فى الازهر .. هو انا كده حافضل محبوسة فى البيت لغاية العده ماتخلص ؟!! .. انا حرانه وزهقانه عايزة افك واشم هوا
دق جرس الباب ... اهلا يا حبيبتى .. عارفه ..عارفة والله اللى عندك .. اعمل ايه ؟ .. ربنا يصبرنى على فراقة .. والله ماعاد ليا نفس لحاجة .. لا اكل ولا شرب ولاحتى عايزة اتكلم مع حد وطول النهار على الكرسى زى ما انتى شايفه كده .. قاعده بس افكر فيه وفى ايامه الحلوه   .. ماتعرفيش قاطع بيه ازاى ..مع السلامه ياحبيبتى .. ماجيلكيش فى حاجة وحشة ابدا
بعد اربع شهور وعشره :
خلعت السواد ولونت .. ولما سألوها .. المرحوم .. المرحوم موصينى .. قالى ياسونه بعد العدة  تقلعى الاسود .. اوعى تلبسيه بعد العده يوم واحد .. وصية الميت بقى لزما تتنفذ ...
بقولكوا ايه ... الفلوس اللى فى الدولاب دى مش داخله ورث .. دا حقى .. حق خدمتى ليه فى عياه .. حق سهرى وتعبى فى تمريضة ..
بعد 6 شهور :
باعت الارض .. سحبت الفلوس .. صبغت شعرها .. حقنت بوتكس .. وشدت ما ترهل .
#ومات_الواد_العبيط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق